دعوة للحرية مقدمة منهج تلمذة دعوة للحرية للشباب
دعوة للحرية
"فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا." (غلاطية5: 13)
الحرية في مفهومها الصحيح:
"رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، (لوقا4: 18)
معني الحرية:
الحرية هي إمكانية الفرد دون أي جبر أو ضغط خارجي على إتخاذ قرار أو تحديد خيار الحرية هي حالة التحرر من القيود التي تكبل طاقات الإنسان وإنتاجه سواء كانت قيوداً مادية أو قيوداً معنوية، فهي تشمل التخلص من العبودية لشخص أو جماعة، التخلص من الضغوط المفروضة على شخص ما لتنفيذ غرض ما، أو التخلص من الإجبار والفرض.
الفرق بين الحرية والتحرر:
الحرية تعني التخلص من كل قيود العبودية، فكل إنسان ولد حراً وله حريه التصرف بما يفعل فالحرية يمتلكها كل إنسان باختلاف أجناسهم وألوانهم ودياناتهم التحرر باعتقادي الشخصي فانه يعني الخروج من العادات والتقاليد المتعارف عليها في مجتمع ما أو التحرر من وسط جماعة تفرض سيطرتها علي الإرادة التي للنفس الحرية.
أحبائي من حق كل إنسان الحرية لأن الله خلق الإنسان حر، فالإنسان الذي يعيش بعيداً عن الحرية ويطلب التحرير، فهو يشعر بالانسحاق والمسكنة وانكسار القلب، وربما يصل به الحال بأنه يشعر بالأسر، ويشعر بأنه لا يبصر جيداً، فمن أهداف مجيء المسيح هي الدعوة للحرية "رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ،" (لوقا4: 18)
فالذي يقود الإنسان إلي الظلم والاستبداد فهو يصير معانداً لله ولطرقه، لذلك نري أن المؤمنين في العهد الجديد يجب أن يكونوا أحراراً دائماً مهما كانت الظروف والأحوال التي تدفعهم لغير ذلك، لأن الله دعانا دعوة مقدسة بحسب القصد والنعمة التي أعطيت للمؤمنين من خلال المسيح "الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ،" (2تيموثاوس1: 9).
فالمؤمنين يجب ان يشعروا دائماً بالحرية لأنها ممنوحة من الله لنا، وليست ممنوحة لنا من البشر، والواجب الذي يجب ان يكون فيه المؤمنين هو ان نثبت في الحرية كي لا نعيش مرتبكين بأي نير أخر يدفعنا للعبودية، فالحرية هي كيان داخلي يشعر به الإنسان وينبع من داخله ويثبت فيه، وهذا ما يجعل الإنسان قادر علي تغيير نفسه وتغيير من حوله، وهذا ما نادي به الرسول بولس وعاش فيه اذ يقول لنا "فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ." (غلاطية5: 1)
من اجل ذلك نري ان المؤمن يجب ان يعيش حر دائماً ولكن هذه الحرية يجب ان تكون منضبطة بحسب الحدود التي رسمتها كلمة الله، فلا تصير الحرية فرصة للجسد والشهوات، بل لتكن الحرية فرصة لنخدم بعضنا بعض، فيعم السلام والمحبة والتقدم والازدهار "فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا." (غلاطية5: 13) فهل لك ان تعيش في الحرية الحقيقية وتنبذ كل الأمور التي تدفعك بعيداً عنها لذلك يقول الرسول بطرس ان نعيش "كَأَحْرَارٍ، وَلَيْسَ كَالَّذِينَ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَهُمْ سُتْرَةٌ لِلشَّرِّ، بَلْ كَعَبِيدِ اللهِ." (1بطرس2: 16)
ناموس الحرية:
هل للحرية ناموس؟ أقول نعم لها ناموس، وناموس الحرية هو مبادئ وقوانين وضعها الله وهي تكمن في الوصايا وفي حياة المسيح، وتجدها في الموعظة علي الجبل متي الإصحاح الخامس وقد ادرك الرسول يعقوب هذا اذ قال: "وَلكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلًا بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ." (يعقوب1: 25)
لماذا يكون مغبوطاً في عمله؟ هذا لآنه اتبع الحرية التي رسمها الله في كلمته، وبعيداً عنها يصير الإنسان في عبودية الجسد والأهواء والشهوات والفساد الذي يتفشى يوماً بعد يوم، فالفساد له أرضية يعيش فيها، وهذه الأرضية هي البعد عن كلمة الله الحية {الكتاب المقدس} فكل إنسان واي شعب يبعد عن الكلمة الحية فهو بهذا يكون ما إلا أرضية لنمو الخطية والشر، فمهما حاول الإصلاح فلا يستمر هذا إلا قليلاً ثم يعود الفساد مرة أخري .
يجب علي كل شاب وكل مؤمن ان ينشر المبادئ التي أتي بها المسيح ودونت لنا في كلمة الله، يجب ان ينشر مبدا الأخذ والعطاء، البذل والتضحية، المحبة التي بلا أغراض خاصة، الغفران والتسامح، إعطاء الحق لمن له الحق، أمور كثيرة تجدها في الموعظة علي الجبل أول كلمة قالها المسيح في الموعظة علي الجبل هي: "طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ" (متي5: 3) وكلمة المساكين بالروح: [تعني تواضع النفس، ومنسحقو القلب عن إختيار وطواعية، وليس مرغمين بسبب ظروف ما. وهم الذين يمتلأون رهبة وخشية عند سماعهم وصايا الله] فالحرية هي مكفولة للجميع، وكي يكون الإنسان حر فقد خير ما بين ان يعيش في ناموس الحرية فيصير حر بمعني الكلمة وأما ان يعيش في عبودية الفكر ويكبل روحياً بقيود الخطية فلا يستطيع ان يكون حراً في المسيح، فالإنسان في الأبدية سيحاكم ليس بالناموس الذي يضعه البشر، لكنه سيحاكم بناموس الحرية المعلنة في كلمة الله "هكَذَا تَكَلَّمُوا وَهكَذَا افْعَلُوا كَعَتِيدِينَ أَنْ تُحَاكَمُوا بِنَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ." (يعقوب2: 12)
السير في الحرية بالحق:
السير في الحرية يتطلب مؤمنين يعرفون كتابهم معرفة جيدة، ليعيشوا كما يحق لها لنصل الي روح واحد وإيمان واحد "فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ وَرَأَيْتُكُمْ، أَوْ كُنْتُ غَائِبًا أَسْمَعُ أُمُورَكُمْ أَنَّكُمْ تَثْبُتُونَ فِي رُوحٍ وَاحِدٍ، مُجَاهِدِينَ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ لإِيمَانِ الإِنْجِيلِ،" (فيلبي1: 27)
ويستطيع المؤمن ان يجد الهدف الذي يجب ان يكون في قلوب المؤمنين ويسعي نحوه "أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ." (فيلبي3: 14)
فالحرية ما هي إلا مبادئ روحية تترجم الي حياة عملية نراها في مجتمعنا كسلوك وحياة اجتماعية معاشة لفائدة الجميع.
حرية مجد أولاد الله
يتصور الشباب أن هناك شئ إسمه {الحرية المطلقة}، وهذا وهم كبير، فهناك بالضرورة حدوداً لحريتنا. فمع أنك حرّ في أن تكون لك سيارة، تقودها في أي مكان، لكنك تخضع لقيود قوانين المرور والترخيص والقيادة والإشارات الضوئية وإجراءات السلامة... الخ. ومع أنك حرّ في أن تأكل النوعية التي تختارها من الطعام، والكمية التي تريدها، لكنك مقيَّد بأنواع الطعام البناءة، وبكمية الطعام المناسبة، وإلا أصابتك أمراض كثيرة. لذلك فالحرية المطلقة وهم كبير... وما يحياه بعض الشباب في الخارج من انحلال وانفلات جنسى، ليس حرية على الإطلاق، بل هو عبودية خطيرة، خرجت بهم من الطهارة والزواج المقدس، إلى الانحراف والزنا والشذوذ وغير ذلك. ولما أدمنوا الجنس، سقطوا فريسة إدمان المخدرات. فلما أدمنوا المخدرات تحولوا إلى مجرمين جانحين، مات بعضهم بمرض فتاك مثل الإيدز، أو بجرعة زائدة من المخدرات، أو بجريمة ارتكبوها فدخلوا السجن، أو حكم عليهم بالإعدام لاتجارهم بالمخدرات أو لجريمة قتل...
لذلك يجب أن لا نطمح في حرية مطلقة، هي في الحقيقة حرية مزيفة، أقرب إلى العبودية. بل علينا أن نبحث عن الحرية الحقيقية {حرية مجد أولاد الله} "لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ." (رومية8: 21)
الحرية الحقيقية
هي إمكانيــة أن أقول: لا... للخطيئـة!!
وقبـــل ذلك، إمكانيــة الإفراز والتمييز، لأستطيع أن أفرز الغث من السمين، والبناء من الهدام. لذلك فالحرية الحقيقية تحتاج إلى أمرين:
- الاستنارة... بنور المسيح والإنجيل، وبعمل الروح القدس، لأستطيع أن أميز بين الخطأ والصواب.
- الإشباع... حينما أشبع بنعمة المسيح، وسكنى روح الله، فأستطيع أن أدوس على عسل الخطيئة المسموم.
لذلك فهناك الآيتان المفتاح لحياة الشباب، وهما
- "امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ." (1تسالونيكي5: 21)، وهذه معناها الاستنارة والإفراز والتمييز، والتفكير السليم في عواقب الأمور.
- "اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ، وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرّ حُلْوٌ." (أمثال27: 7)، ومعناها أن الشبع الروحي، وسكنى المسيح، يعطيان الإنسان نوعاً من الاكتفاء والتسامى، حتى أنه يدوس على عسل الخطيئة المسموم.
وهنا يتمتع الإنسان بالحرية الحقيقية، البناءة، الملتزمة، التي تبنيه من كل الوجوه :
- روحياً... بالشبع الروحي بالمسيح والكنيسة والإنجيل...
- ذهنياً... بالقراءة والدراسة والتأمل والتفكير السليم...
- نفسياً... بالانضباط السليم للغرائز والعواطف والعادات...
- جسدياً... بالبعد عن التدخين والمسكرات والمخدرات وحياة الدنس...
- إجتماعياً... إذ تكون للإنسان علاقات طيبة مع كل من حوله.
ضوابط الحرية الحقيقية
الحرية الحقيقية لها ضوابط هامة مثل :
- الـــــــروح القـــــدس... الساكـــن فينـــا، مبكتــاً ومرشـــداً، مقدساً، ومعزياً، قائداً ومعطى الثمار والمواهب.
- الضمير... صوت الله في الإنسان، الذى يبكتني على الخطأ، وينبهنى لكى أعود إلى الصواب.
- الإنجيل... حيث النـور الــذى يضـئ جنبات القلب، وطريـق الحياة "خَبَأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلاَ أُخْطِئَ إِلَيْكَ." (مزمور11:119)، "سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي." (مزمور 119: 105)
وهكذا نحيا الحرية الحقيقية، بقوة مسيح القيامة الحىّ، الساكن فينا، وقائد مسيرتنا اليومية، في طريق الأبدية والخلود.
إرسال تعليق