منهج دعوة للحرية
الوحدة السابعة: السلوك المسيحي
{40} السلوك بالتدقيق في الحرية.
v أهداف
الدرس:
ü مفهوم الحرية في الفكر
المسيحي.
ü
الحرية
دعوة إلهية.
ü النضج اللازم الحرية.
ü معطلات الحرية.
ü
متطلبات الحرية.
v اختبر
وافحص:
ü
هل
فكرت يوماً ما هى
الحرية
وما هو معناه؟
ü
هل
الحرية
افعل ما شئات وقت ما أشاء بأي
طريقة؟
ü هل الحرية معناه أن الإنسان
كلما تقدم في العمر فيكتسب خبرة في الحياة فيبلغ الحرية؟
ü
هل
النمو في العمر هو
بعينه الحرية؟
أم هناك حرية في
نفسي وروحي؟
ü
هل
هناك ضوابط
للحرية؟
v آيات
الدرس:
" ٣٢وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ".."(يوحنا32:8(
"٣٦فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا.." (يوحنا36:8(
"٢٢لأَنَّ مَنْ دُعِيَ فِي الرَّبِّ وَهُوَ عَبْدٌ، فَهُوَ
عَتِيقُ الرَّبِّ. كَذلِكَ أَيْضًا الْحُرُّ الْمَدْعُوُّ هُوَ عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ.." (كورنثوس الأولى22:7)
"١٧وَأَمَّا الرَّبُّ فَهُوَ الرُّوحُ، وَحَيْثُ رُوحُ
الرَّبِّ هُنَاكَ حُرِّيَّةٌ.)"كورنثوس الثانية17:3)
"٢٦وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا، الَّتِي هِيَ
أُمُّنَا جَمِيعًا، فَهِيَ حُرَّةٌ.." (غلاطية 26:4 )
"٣١إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ
بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ."(غلاطية 31:4 )
"١فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ." (غلاطية5: 1)
"١فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ." (غلاطية5: 1)
"١٣فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا
الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ،
بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا." (غلاطية5: 13)
"فَلْيَفْتَكِرْ
هذَا جَمِيعُ الْكَامِلِينَ مِنَّا [الناضجين] وَإِنِ افْتَكَرْتُمْ..." (فيلبي15:3)
"وَأَمَّا
الطَّعَامُ الْقَوِيُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ
صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً ..." (عبرانيين 14:5)
مفهوم الحرية في الفكر المسيحي
المقدمة.
موضوع الحرية مهم جدا للإنسان وللحياة ككل والعالم كله، فهو
واحد من شيئان يميزان الإنسان ككائن مخلوق عن باقي الكائنات. أي ليس هناك أعلى
وأسمى من هذان الموضوعان: العقل ـ الحرية. ولأهمية الموضوع علينا أن نكون عارفين
تمامًا لمعناه وكل ما يخصه
من جوانب، لأننا نعيشه يوميًا
وكل لحظة، لهذا علينا أن نعرفه بشكله الصحيح لنعيشه بشكله الصحيح.
سوف نتكلم عن الحرية بشكل عام لكن طبعاً منطلقين من مفهومنا الإيماني لأنه بالتأكيد المفهوم الأصح
والأكثر تعبيراً عن جوهر الحرية.
أن المسيح قد حررنا لنكون أحراراً، "١فَاثْبُتُوا إِذًا فِي
الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا
أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ... ١٣فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ
أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً
لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا.١٤لأَنَّ كُلَّ
النَّامُوسِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ يُكْمَلُ:"تُحِبُّ قَرِيبَكَ
كَنَفْسِكَ"." (غلاطية 5: 1، 13 ـ 14)
في العصر الحالي أصبحنا نسمع ونرى زيادة عدد الذين يطالبون بان
يكون لهم الحرية، وأصبحنا نرى ونسمع العالم كله تقريبًا يقاتل من اجل حريته بمختلف أنواع القتال. فمن ابسط إنسان إلى
اكبر المؤسسات الدولية نراهم يلحون كثيرًا
على أن يتمتعوا بحقهم في العيش والعمل حسبما يريدون دون ضغط أو اكره.
لكن
السؤال المهم: كم من هؤلاء الناس أو المؤسسات يطالبون بحرية صحيحة جوهرية؟ أي ما
هي الحرية التي يطالبون بها؟
- الحرية.
تعني الحرية أن يعيش الإنسان ويعمل دون ضغط أو جبر سواء جاء من الله نفسه أو
الأفراد أو السلطات البشرية، أو العوامل الحياتية الأخرى في حياة الإنسان. أي
بمعنى أن يتمتع الإنسان بحرية القرار والمسؤولية ويتمكن من العمل بها دون أكراه.
الحرية تعني الإنسان، فالإنسان بدون الحرية ليس إنسانا. الإنسان
الذي يعيش إنسانيته، أي يعيش كل المبادئ والقيم والمقومات التي تجعله يصبح إنساناً، عندما يعيش كل هذه وسط وضعه وعصره وعالمه والذي يتعرض فيه
الإنسان إلى مختلف أنواع الضغوطات والإخطار التي تهدد حرية قراره الشخصي، إذا عاش
وسط هذه كلها مبادئه وقيمه ومقومات إنسانيته فانه إنسان حر.
الحرية
هي الوعي بالإنسانية، الوعي التام لما يبني الإنسان ولما يهدم الإنسان، واختيار
الشيء البنّاء. فليست الحرية هي التصرف كيفما نريد بل هي معرفة ما نريد، هي اختيار
ما نريد لنا كأناس، هي البحث عن ما يعطي معنى لما نعيشه ومعرفة كيف نعيش، أي البحث
ومعرفة الحق، الحقيقة. يقول يسوع " ٣٢وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ".."(يوحنا32:8(، لكن لماذا الحق يحررنا وكيف؟
الحقيقة أو الحق هو علامة مميزة لصورة الله في الإنسان، أي أن
الإنسان يحقق صورة الله فيه بالحق، الحق المعاش هو تصوير أو تجسيد للإنسان في قمة
معناه كانسان، الإنسان يحقق ذاته بالحق، أي يصبح إنسانا بالحق لان من صميم تكوينه أن
يعيش الحق ليصبح ما هو مصمم له.
الشر هو نقيض الحق، وبالتالي نقيض الإنسان، فالإنسان بشره يهدم
حياته لأنه لا يتمكن من أن يعيش في العالم أو ضمن عالم وأناس ومجتمع مملوء من
القيم والمبادئ السيئة. لهذا لا يتمكن من أن يتمتع بظروف حياتية وإنسانية سليمة،
فيكون هذا نتيجة قاسية له كانسان تُنقص من كرامته ومكانته في الحياة.
إذاً عمل الشر هو ضد الإنسان، ضد الحق. فعمل الشر بحرية هو نقيض
الحرية بل على العكس هو عبودية، لأنه يجعل الإنسان لا إنسان "٣٤...كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ
الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ." (يوحنا 8: 34)
عادة ما يكون الشر جذابا وفيه متعة، لكن متعته تكون وقتية،
فالإنسان عندما يعمل الشر يبحث عن أسهل الطرق وأمتعها، والشر يحقق له ذلك، لكن
الحرية الحقيقية تكون بمعاداة الشر حتى لو كان فيه متعة لأنه يجب البحث عن الشيء
الدائم والثابت الذي لا يزول فيه المعنى والقيمة.
المسيحي يجب أن يكون أكثر الناس حرية لأنه يعرف معنى حياته وموته، ولان المسيحية هي الحقيقة النهائية حول الإنسان، أي ليس هناك شيء أكثر حقيقة من المسيحية بالنسبة للإنسان. لهذا يجب أن نكون أكثر أحرارًا.
الحرية تعني أعمال الإنسان التي يتوجه بها بإرادته نحو هدف حياته الصالح والصحيح. وهي تعني أيضاً الانفتاح نحو الخارج وليس الانكماش على النفس.
المسيحي يجب أن يكون أكثر الناس حرية لأنه يعرف معنى حياته وموته، ولان المسيحية هي الحقيقة النهائية حول الإنسان، أي ليس هناك شيء أكثر حقيقة من المسيحية بالنسبة للإنسان. لهذا يجب أن نكون أكثر أحرارًا.
الحرية تعني أعمال الإنسان التي يتوجه بها بإرادته نحو هدف حياته الصالح والصحيح. وهي تعني أيضاً الانفتاح نحو الخارج وليس الانكماش على النفس.
v
الحرية دعوة إلهية:
"١٣فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ
أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً
لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا." (غلاطية5:
13)
الحرية
كلمة جميلة الواقع على السمع، فهي هبة الله الذي خلقنا على صورته ومثاله.. يتمسك
بها الطفل حتى وإن لم يفهمها القاصر، ويعتبرها الشاب حياته بأكملها، ويموت من
أجلها الألوف والملايين، في أنحاء العالم، ويعتبرون حياتهم رخيصة من أجلها..
ولكن
كما قالت إحداهن (مدام رولان): "أيتها الحرية الحبيبة كم من جريمة ارتكبت
باسمك".فما
هو المفهوم السليم للحرية الذي يمكننا أن نطالب به، ونتمسك به، ونصير بالحقيقة
أحراراً، بلا خوف من تداخل المفاهيم، أو ارتباكات.
- مفهوم الحرية :
الحرية
هي التعبير الواقعي عن الشخصية بكاملها، فليست الحرية فقط أي تصرف بمعزل عن أي ضغط
خارجي مباشر، يملى على سلوكي، فهذا ليس إلا الوجه الخارجي للحرية!! ولكن الحرية
بمعناها العميق، هي أن أتصرف بحيث يأتي سلوكي تعبيراً عن كياني كله، وليس عن جزء
من شخصيتي يتحكم فىّ، دون بقية الأجزاء فمثلاً:
قد تتحكم في
إحدى الشهوات وأتصرف بموجبها، دون النظر إلى ما يقاومها ويعوقها، من أجواء أخرى في
كياني.. حينئذ فلست حراً بل أنا عبد الشهوة.
وقد
يتحكم فىّ انفعال، أتصرف تحت سيطرته بما أندم عليه فيما يعد.. فأنا عبد لهذا
الانفعال.
وقد
تتحكم فىّ عادة من العادات، يتعطل معها الضابط المتحكم فيها والموجود في كياني..
حينئذ فقد انطلقت العادة، وتعطل جهاز الضبط عندي، فلست بعد حراً بل أنا عبد العادة.
وهكذا
فالحرية الحقيقية هي على نقيض كل تلك الانحرافات - التي أشرنا إليها.. فهي عبارة
عن السلوك الواعي الذي يأتي منسجماً، ليس مع واحد من ميولي فحسب، أو مع ناحية من شخصيتي
دون غيرها، ولكن يأتي معبراً عن شخصيتي ككيان متكامل، يهدف إلى خيري الشامل، والذي
يتصل من بعيد أو قريب بخير الآخرين، وبما يمجد الله.
من
هنا يتضح أنه من شروط ممارسة الحرية، أن تكون الشخصية ناضجة، لكي تكون قادرة على
الاختيار السليم، وإلا أفسدت معناها، ومن هنا جاء القول: "الحرية لا تعطى إلا
للناضجين".
كذلك يختلف مفهوم
الحرية في المسيح، عن الحرية في المفهوم العام.
أ- المفهوم
العام للحرية:
ينحصر في
الحريات السياسية والاجتماعية، التي تركز على الديمقراطية والمساواة والوقوف ضد
الظلم والحرمان والعنصرية، وإن كان هذا المفهوم لا يتضارب مع مفهوم الحرية
مسيحياً، إذ أن المسيحية تبارك هذه الحريات، ولكن مفهوم الحرية المسيحية يعلو في
مستواه عن الأنواع التي تنظم أمور الحياة الزمنية.
ب- مفهوم
الحرية مسيحياً:
ترى
المسيحية أن الإنسان خلق حراً، على صورة الله ومثاله، وهذه الحرية لها شقان: حرية
الاختيار وحرية الفعل.
الحرية
المسيحية هي ثمرة من ثمار الروح القدس، في حياة المؤمن، وهى حياة توهب بالنعمة
في المسيح، فيصبح ابناً لله، وهى حرية باطنية داخلية، فيها وبها يتأكد المسيحي من
غلبته، على كل ما يعطل تمتعه ببنوته لله، فهي حرية من عبودية الخطيئة والموت
والفرائض والناموس والخوف، يستطيع من خلالها أن يختار بين الخطأ والصواب، ويستطيع
أن ينفذ اختياره بسهولة، بالنعمة العاملة فيه.
v النضج اللازم الحرية:
أ- النضج النفسي
ويقصد
به استقرار النزعات الغريزية في الإنسان، وهى نزعات متناقضة كالحب والكراهية، التحدي
والخوف، تأكيد الذات والتبعية.. هذه النزعات تحتاج إلى سلطة ضابطة، ومن محصلة هذه
النزعات مع السلطة الضابطة تبدأ شخصية الإنسان في النمو وتتجه إلى الاستقلال،
ويصير الإنسان كائناً يمسك بيده زمام أموره، ولا يتجاهل طاقاته الغريزية بل يوجهها
ويوظفها وفق خيره وخير الآخرين.
ب-النضج الاجتماعي والتربوي
التربية
والمحيط الاجتماعي قد يساعدان الإنسان على النمو، وبالتالي على بلوغ النضج واكتساب
الحرية، ومن ناحية أخرى قد يعطلانه ويجعلان منه ذاتاً
هزيلة تتحكم فيها غرائزها، فإما أن تنحرف أو تنقاد صاغرة للسلطة العليا، مستبدلة
عبودية النزوات بعبودية الضغوط الاجتماعية، وغالباً ما تتأرجح بين العبوديتين
وفقاً للأحوال والظروف في ضياع ومتاهات مؤلمة.
ففي
الشباب المبكر تستيقظ في الشاب قوة جديدة، وتتحرر طاقات تريد أن يكون لها وجود
مستقل، وهى إن كانت أمر طبيعي في البداية، إلا أن استمرارها إلى مشارق بلوغ الشباب
أمر يجعلنا نهتم بالموضوع، فمن حق الشباب تحقيق نفسه، ولكن ليس على حساب مجموعة
القيم التي تنظم الحياة من حوله، وكما حدثت آلام الولادة وانقطع الحبل السري من
الطفل والأم، هكذا أيضاً هناك حبل سرى يتكون نفسياً مع الرضيع وصدر أمه، يقتضى
معاناة مماثلة عند انقطاعه.. ويصح أيضاً التشبيه عند المراهقة، حينما يريد المراهق
أن يستقل عن والديه، مما يحدث آلاماً للطرفين له وللوالدين، إذ أن حياة جديدة قد
ظهرت في عالمه.
ج- النضج الروحي:
"٣٤... مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ."
(يوحنا 8: 34)
فالخطية
هي المشكلة الأولى أمام الحرية الداخلية، وبالتالي أمام كل أنواع الحريات.
والمقصود
بالنضج الروحي، الوعي الكافي لكي يختار الإنسان ممارساته الروحية عن رضي وفرح،
فيصوم ليس لأن الصوم فرضاً عليه أو حل ميعاده حسب الطقس الكنسي، ولكن لأنه يجد
فيها اختياره وقناعته الداخلية الكاملة بأن هذا لخيره، وهكذا أيضاً في صلاته وكافة
ممارساته الروحية.
وهناك أيضاً
تأتى الطاعة كتاج للحرية الواعية المسئولة، ليست كاتضاع العبيد، ولكن تقدمة حرة
واعية لذات يصحبها الفرح "٨أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ،"
(مزمور٤٠: ٨) وحينما يكون الداخل حراً من أي تشويش حينئذ ينجلي السمع وتتميز
الأصوات ويكمل الفرح.
وحينما يسكن الروح القدس في كيان الإنسان
يكون هو الملك والمسيطر، تهدأ الرياح ويهرب الظلام، ويصير الإنسان حراً من كل قيد،
فيرتفع تلقائياً فوق قمة العالم حينما تنفك كل قيوده، ويقول أغسطينوس: "جلست
على قمة العالم..." لهذا قال الرب يسوع: "إن حرركم الابن فبالحقيقة
تصيرون أحراراً".
v
معطلات الحرية :
إن كنا قد
ذكرنا المعنى الحقيقي للحرية يسهل علينا حينئذ أن نكتشف المعطلات التي تعطل حريتنا
في المسيح.
لاشك أن أول هذه
المعطلات هو عدم الوصول إلى النضج الحقيقي، سواء على المستوى النفسي
أو التربوي أو الاجتماعي أو الروحي.
كما أن كل إله وهمى
يتعبد له الإنسان داخلياً، هو قيد على حريتنا في المسيح سواء شهوة، أو
مركز، أو أي شئ من ممتلكات هذا العالم.. كل هذا يجب أن يوضع على المذبح، لكي يحترق
بنار الروح القدس، فتنفك الأربطة وتحرر النفس.
لكن
يعطل حريتنا أيضاً مخاوفنا الصغيرة، من أمور كثيرة في هذا العالم، سواء الخوف من
المجهول، أو من الظروف الخارجية، أو من الموت "١٥...الَّذِينَ
خَوْفًا مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعًا كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ
الْعُبُودِيَّةِ." (عبرانيين 15:2)، وحينما ننتقى
من شهوة الأشياء حينئذ نتحرر من سطوة الموت.
بقى أن إنكار
الذات هي الفضيلة، لذلك فأهم القيود التي تعطل الحرية الداخلية هي:
عبودية
الخطية..
"١٦أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي تُقَدِّمُونَ ذَوَاتِكُمْ
لَهُ عَبِيدًا لِلطَّاعَةِ، أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ: إِمَّا
لِلْخَطِيَّةِ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلطَّاعَةِ لِلْبِرِّ؟١٧فَشُكْراً ِللهِ،
أَنَّكُمْ كُنْتُمْ عَبِيدًا لِلْخَطِيَّةِ، وَلكِنَّكُمْ أَطَعْتُمْ مِنَ
الْقَلْبِ صُورَةَ التَّعْلِيمِ الَّتِي تَسَلَّمْتُمُوهَا." (رومية٦: 6-7)
عبودية
الذات...
الحرية الحقيقية هي
تحرر الإنسان من نرجسية ذاته وأناه، إلى الاهتمام بالرب يسوع وحفظ وصاياه، ومحبة
الآخرين.
عبودية
الخوف...
"15إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ
الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي
بِهِ نَصْرُخُ:"يَا أَبَا الآبُ".١٦اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا
يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ." (رومية
15:8 ،16)
عبودية الناموس والفرائض...
" ٦وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ تَحَرَّرْنَا
مِنَ النَّامُوسِ، إِذْ مَاتَ الَّذِي كُنَّا مُمْسَكِينَ فِيهِ، حَتَّى نَعْبُدَ
بِجِدَّةِ الرُّوحِ لاَ بِعِتْقِ الْحَرْفِ.٧فَمَاذَا نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ
خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي
لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ:"لاَ
تَشْتَهِ".(رومية
7
:6 -
7)
"١٦فَلاَ
يَحْكُمْ عَلَيْكُمْ أَحَدٌ فِي أَكْل أَوْ شُرْبٍ، أَوْ مِنْ جِهَةِ عِيدٍ أَوْ
هِلاَل أَوْ سَبْتٍ،١٧الَّتِي هِيَ ظِلُّ الأُمُورِ الْعَتِيدَةِ، وَأَمَّا
الْجَسَدُ فَلِلْمَسِيحِ." (كولوسى 16:2 ،17)
كيف نمارس
حريتنا الحقيقية؟
من خلال
اتحادنا بالمسيح في شركة الأسرار الإلهية.
من
خلال مركزنا كبنين عند الآب فنحن في المسيح أبناء.
الانقياد
بالروح إذ أن الحرية هي ثمرة من ثماره.
"١٣فَإِنَّكُمْ
إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا
الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ، بَلْ بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا."
(غلاطية 13:5) عدم استغلال هذه الحرية لمصلحة الجسد بل لمصلحة الروح.
هل الإيمان يقيد حرية الإنسان ؟!
الله يحترم
حرية الإنسان لأنه يحبه، والمحبة الحقة تحترم حرية المحبوب، والحب لا يفرض فرضاً
وإلا لم يعد حباً بل عبودية، والله لم يرد عبيداً بل أبناء، وهو يريدنا أحراراً
نتمتع بالشركة معه، وهذا
ما فعله معنا بالصليب والقيامة، إذ حررنا من كل عبودية وأعطانا الغلبة والنصرة بقيامته.
ما فعله معنا بالصليب والقيامة، إذ حررنا من كل عبودية وأعطانا الغلبة والنصرة بقيامته.
تعتبر الحرية من ضمن عطايا المسيح
الغالية التي وهبها لنا وهى إحدى مفاتيح النمو الحقيقي والتشجيع على الجهاد
الروحي وحينما نسلك بالحرية التي قد حررنا المسيح بها فإن هذا يعبر عن ملكية الرب
علينا وأننا في دائرة ملكوته حقاً، وحرية
النفس هي أساس لأي سلوك بحرية، وهى بركة وامتياز لا يستهان بهما بل يجب أن
نتمسك بها جيداً. ولكن الحرية المسيحية لا تعني إطلاقاً أن يسلك الإنسان بحسب
أهواءه الذاتية مطلقاً العنان لنفسه، فالمسيح نفسه كان حراً تماماً ومن هنا استطاع
أن يكرس حريته ويستخدمها بأفضل صورة لأجل تحقيق القصد الأزلي، وكان كل ما يعمله هو
نتيجة لما "...يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ..." (يوحنا 19:5)
وليس معنى استقلال الشخصية أو السلوك بحرية أن يكون الإنسان انعزالياً أو انطوائياً أو رافضاً لأي فكر أو رأي من الآخرين لأن هذا لا يدخل تحت مضمون استقلال الشخصية، أو يفعل ما يشاء وقت ما يشاء في أي مكان يشاء باسم الحرية، فالرب يسوع نفسه كان يعيش في المجتمع بأقدس وأسمى صورة، وفى بعض الأحيان كان يؤيد رأى سليم ولو جزئياً حتى لو كان هذا الرأي من مجربيه. أنظر:(لوقا25:10-28) ."وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً:«يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» فَقَالَ لَهُ:«مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» فَأَجَابَ:«تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ ». فَقَالَ لَهُ:«بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا»."
وليس معنى استقلال الشخصية أو السلوك بحرية أن يكون الإنسان انعزالياً أو انطوائياً أو رافضاً لأي فكر أو رأي من الآخرين لأن هذا لا يدخل تحت مضمون استقلال الشخصية، أو يفعل ما يشاء وقت ما يشاء في أي مكان يشاء باسم الحرية، فالرب يسوع نفسه كان يعيش في المجتمع بأقدس وأسمى صورة، وفى بعض الأحيان كان يؤيد رأى سليم ولو جزئياً حتى لو كان هذا الرأي من مجربيه. أنظر:(لوقا25:10-28) ."وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً:«يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» فَقَالَ لَهُ:«مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» فَأَجَابَ:«تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ ». فَقَالَ لَهُ:«بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا»."
عموماً، الله يريدنا أحراراً لكي يتحرك فينا
بملء حريته، تماماً مثلما كان يحدث مع "إيليا" الذي كان يوجهه الرب
حيثما يريد فأحياناً يدعوه للمكوث وأحياناً أخرى كان يدعوه "للتحرك" بكل
حريته وبدون الخوف من ملك ثائر أو من أنبياء كذبة أعدادهم بالمئات.
"٨وَكَانَ لَهُ كَلاَمُ الرَّبِّ
قَائِلاً:٩"قُمِ اذْهَبْ إِلَى صِرْفَةَ الَّتِي لِصِيدُونَ وَأَقِمْ
هُنَاكَ. هُوَذَا قَدْ أَمَرْتُ هُنَاكَ أَرْمَلَةً أَنْ تَعُولَكَ"." (ملوك الأول17: 8، 9)
"١وَبَعْدَ
أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى إِيلِيَّا فِي السَّنَةِ
الثَّالِثَةِ قَائِلاً: "اذْهَبْ وَتَرَاءَ لأَخْآبَ فَأُعْطِيَ مَطَرًا
عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ".٢فَذَهَبَ إِيلِيَّا لِيَتَرَاءَى لأَخْآبَ. وَكَانَ
الْجُوعُ شَدِيدًا فِي السَّامِرَةِ،" (ملوك الأول18: 1، 2)
وبالتأكيد فإن المؤمن الحقيقي يليق به أن يسلك
بحرية لأنه بحسب ما تكلم المسيح."فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ
فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً" (يوحنا 36:8)
نفهم
أن ما يطلقنا أحراراً هو المسيح بذاته وبعمله فهو مصدر وأساس الحرية الحقيقية،
والسلوك الصحيح في الحرية الحقيقية يستلزم المواظبة على معرفة الحق وفهمه، إذ قال
المسيح بلغة المضارع المستمر "وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ
يُحَرِّرُكُمْ" (يوحنا 32:8).
1-الحاجة إلى الحرية
2-الحاجة إلى سلطة ضابطة موجهة
من الأفضل أن ندرس هاتين الحاجتين معاً فبهما يتم توازن الشخصية، فالفرد
يحتاج إلى الحرية الكافية التي تعاونه أن يكوَّن لنفسه شخصية مستقلة وأن يتخذ
لنفسه أسلوباً في الحياة يتفق مع مواهبه وإمكانياته وفى نفس الوقت يحتاج إلى سلطة
ضابطة توجهه نحو الطريق السليم الصحيح.
المسيحية تعطى الحرية:
" ٣٢وَتَعْرِفُونَ
الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ".."(يوحنا32:8(
"٣٦فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا.." (يوحنا36:8
(
(
والمسيحية تضع في الإنسان الضمير الصالح المدرب بكلمة
الله ليكون سلطة ضابطة وموجهة : قال بولس الرسول : كل الأشياء تحل لي لكن ليس كل الأشياء توافق
"
١٢"كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ
لِي"، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوافِقُ. "كُلُّ الأَشْيَاءِ
تَحِلُّ لِي"، لكِنْ لاَ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ شَيْءٌ." (كورنثوس الأولى6:
12)" ٢٣"كُلُّ
الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي"، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوَافِقُ.
"كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي"، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ
تَبْنِي." (كورنثوس الاولى10: 23)
فهل نقول أن هذه المبادئ تقيد
الإنسان ؟ كلا أنه تحرره فهي الجو الذي يعيش فيه الإنسان.. أنها كالقضبان بالنسبة
لقطار السكة الحديد، وكالماء بالنسبة للسمك وكالهواء بالنسبة للإنسان إذا خرج عنها
فأنه لا يتحرر بل يهلك ويموت .
v
متطلبات الحرية.
لنتكلم
قليلاً عن متطلبات الحرية،
ما هي الأشياء المطلوبة لنعيش أحرار، بحرية؟
أولاً: في أي نوع من أنواع
الحرية لا بد من التقيد بمبادئ إيمانية وأخلاقية قائمة على المسؤولية، الشعور
بالمسؤولية. أي كي نعيش أحرارا يجب أن تكون لنا مبادئ صالحة، وهذا عكس المفهوم
المتداول للحرية الذي يدّعي بان الحرية هي عدم وجود قيد أو مبدأ أو شرع يلزمنا.
بمبادئنا الإيمانية والأخلاقية نبني ذواتنا ونبني عالمنا وحياتنا ومجتمعنا بشكل
يساعد الإنسان على أن يعيش إنسانيته، وبهذا يكون حراً.
ليست المبادئ والشرائع ضد الحرية بل الفوضى والإباحية هي ضد
الحرية لأنها تجعل الإنسان بدون هدف ومعنى، تجعله لا يعرف لماذا يعيش وما معنى
حياته وأعماله وحتى موته. بينما المبادئ المتأتية من الحق والحقيقة تجعل الإنسان
مدركاً لما يعيشه وفاهما
معنى مسيرته ورسالته في الحياة.
ثانيًا: من متطلبات الحرية
الصحيحة هي أن لا نظن إننا نمتلك كل الحقيقة، وهذه اكبر تجربة يقع فيها الإنسان،
ونتائجها خطيرة جدًا على الحرية. ففي هذه
الحالة يرى الإنسان الآخرين وكأنه تنقصهم الحقيقة، أو ليس لهم حقيقة كاملة فيحاول
فرض حقيقته عليهم ويصبح هو منتهكا لحريتهم، فكيف يقول انه حر وهو لا يحترم حرية الآخرين؟
إن من أهم ما يجب معرفته من متطلبات الحرية والمتأتية من هذه
النقطة هو انه ليس هناك حرية بدون احترام لحرية الآخرين، بدون احترام حقوقهم
والالتزام بالعمل تجاههم. لا يمكن أن نحصل على حرية على حساب الآخرين، على حساب
ألمهم والتضحية بهم، لأننا في تلك الحالة نكون قد جعلنا الآخرين عبيداً لنا ولنتائج إعمالنا، ونكون قد انتهكنا واحداً من المبادئ التي تقوم عليها الحرية وهي احترام الآخرين.
ثالثا: لكي يصبح الإنسان حرًا عليه أن يكون متفتحًا.
التفتح هو الوعي الناضج تجاه ما يصادف الإنسان في حياته، أي يعرف عمق الأشياء
ويعيش ويتعامل على أساس هذه العمق.
الحرية
الحقيقية تتطلب أن يكون الإنسان متنفتحا تجاه:
الله:
الله خلقنا بحريته، وهو يستطيع بل قادر على كل شيء، لكنه يختفي لان فرحه هو
في أن تحبه خليقته بحرية، يريد أن يكون موضع التفضيل عند الإنسان بحريته. على الإنسان
أن يختار بحريته الله، لأنه يحبه ولأنه يعرف انه هو المعنى النهائي في حياته. إذاً ليس هناك من حرية أعظم من حرية الله تجاهنا، وعلينا أن
نتعامل بنفس الحرية مع الهنا.
الحياة:
على الإنسان أن يكون
منفتحًا تجاه الحياة، أي يعي
ويفتهم الحياة من كافة جوانبها ويتعامل بواقعية ومبدئية إيمانية، عندها يكتسب
حريته الحقيقية، حيث يصبح كل شيء في الحياة عامل مساعد للسعادة وللوصول إلى
الاستقرار الإنساني ضمن العالم المضطرب ..
الإنسان:
الحرية الحقيقية تكون
عندما نعطي الحرية للآخرين وليس فقط نحصل على حريتنا. الانفتاح نحو الإنسان الآخر
يعطينا حريتنا، واحترامه لكرامته الشخصية يعطينا كرامتنا التي هي أساس حريتنا.
لنتعامل مع الآخرين بحرية وانفتاح واعٍ، أي نقبلهم كما هم، ولا نحاول أن نصوغ الآخرين
كلهم ـ حتى في الأشياء الصالحة ـ على مزاجنا وذوقنا ....
الحرية الحقيقية هي حرية الحب، والحب هو الحرية. "ما معنى الحب إذا كنّا عليه مرغمين".
الحرية الحقيقية هي حرية الحب، والحب هو الحرية. "ما معنى الحب إذا كنّا عليه مرغمين".
الشخصية الناضجة
وبالرغم من هذا
الإعلان الصريح إلا إن القراءة المتمعنة للكتاب المقدس توضح بأن الكتاب لم يذكر أنواع
الحرية بشكل صريح تمام ولكنه أشار إلى ثلاثة نقاط ضمنيا وهي:
حرية
الإنسان العامة وتحرير إسرائيل وحرية أبناء الله وسنتطرق للنقطة الأولى والثالثة
بتمعن اكبر وسنمر على النقطة الثانية بإيجاز /سيتضح السبب بعد قليل
أ-
حرية الإنسان:
القارئ
للكتاب المقدس يلاحظ في
"٩فَقَالَ: "اذْهَبْ وَقُلْ لِهذَا
الشَّعْبِ: اسْمَعُوا سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُوا، وَأَبْصِرُوا إِبْصَارًا وَلاَ
تَعْرِفُوا.١٠غَلِّظْ قَلْبَ هذَا الشَّعْبِ وَثَقِّلْ أُذُنَيْهِ وَاطْمُسْ
عَيْنَيْهِ، لِئَلاَّ يُبْصِرَ بِعَيْنَيْهِ وَيَسْمَعَ بِأُذُنَيْهِ وَيَفْهَمَ
بِقَلْبِهِ، وَيَرْجعَ فَيُشْفَى".."(إشعياء
9:6-10)
"٢٨وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.." (رومية 28:8)
"٢٨وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ.." (رومية 28:8)
وغيرها أن
الله ذو سلطة مطلقة ولكن لا يسعنا إلا أن نلاحظ انه توجد أهمية كبرى لاختيار الإنسان
بحريته وتظهر
بشكل اكبر في (خروج
21:4) "٢١وَقَالَ
الرَّبُّ لِمُوسَى: "عِنْدَمَا تَذْهَبُ لِتَرْجعَ إِلَى مِصْرَ، انْظُرْ
جَمِيعَ الْعَجَائِبِ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِي يَدِكَ وَاصْنَعْهَا قُدَّامَ
فِرْعَوْنَ. وَلكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لاَ يُطْلِقَ الشَّعْبَ.."
(خروج
13:7-14) "١٣فَاشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا، كَمَا
تَكَلَّمَ الرَّبُّ.١٤ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: "قَلْبُ فِرْعَوْنَ
غَلِيظٌ. قَدْ أَبَى أَنْ يُطْلِقَ الشَّعْبَ.."
والواقع
أن التقليد الكتابي مبني على افتراض أن الإنسان حر فهو يلجأ دومًا لقدرته على الاختيار
ويشدد الكتاب على مسؤولية الإنسان تجاه خياراته وأوضح مثال على ذلك سفر التكوين حيث يتحتم على الإنسان
الاختيار بين البركة واللعنة وبين الحياة والموت ولكن هاتان الحقيقتان (سلطة الله
المطلقة) و(حرية الإنسان الكاملة) طرحت مشكلة كبيرة.
كيف
أوفق بينهما ؟؟
الحل
للمشكلة: تكمن في حقيقة أن الله محبة فالمحبة لا
تستعمل العنف والفرض كطريقة لتنفيذ الرغبات فهو يستطيع تحريك القلوب تجاهه دون عنف
أو فرض وأما طريقته في ذلك فهي طرق متنوعة وكثيرة ويصعب تعدادها جداً ولا ننسى إن طرق الله غير
طرقنا وأفكاره ليست أفكارنا وللذي يريد الدليل التاريخ ومئات من القديسين الذين
ارتدوا لحضن الآب بطرق عجائبية ماثلين أمامنا أدلة حقيقية .
ب- تحرير إسرائيل:
وفي
هذه النقطة تأكيد جديد على سلطان الله المطلق فهو مصدر التحرير وهو الذي استعمل
سلطانه لتحرير شعبه على الرغم من قساوة قلب فرعون (اختياره) وان
كان ليس مباشرة فهو ترك المجال للمفاوضات أولاً وترك المجال
للتحذيرات ثانيًا
وأخيراً
اظهر قدرته جلياً
ومن هذا المنطلق التوراتي "الله اله الآباء الذي أخرجك من ارض مصر وحررك من
العبودية" أصبح للناموس الموسوي سلطة أيضاً وتأثر به كامل تاريخ
الشعب العبراني الديني حتى تمام الزمان وبدء المرحلة الثالثة.
ج- حرية أبناء الله:
من
واقع المعمودية زمن واقع
أننا لا نستطيع فصل إيماننا عن حياتنا الاجتماعية /لا نستطيع أن نخدم سيدين /
ومن ضوء التفاسير الإنجيلية نجد:
ومن ضوء التفاسير الإنجيلية نجد:
1-المسيح هو المحرر
فتحرير إسرائيل
في خلاصته تم بدم الحمل الموسوم على الأبواب ما هو إلا مقدمة ورمز لفداء المسيح
على الصليب فحريتنا النهائية يصمنها لنا يسوع المسيح بموته وقيامته سر الفداء/
فالاتحاد به في الإيمان والمحبة سواء ليهودي أو وثني كان كافيا ولا زال لضمان حرية
نهائية من سلطان العالم الأكبر (الموت والخطيئة)
الحياة
الناضجة هي حياة الإدراك عن يقين لجوانب أساسية في الحياة مثل إدراك: مَنْ نحن
بالنسبة لـ الله أو ما هي نسبتنا لـ الله؟
الآن... عطية الرب لنمونا وانضاجنا
"... نحن أولاد
الله..." (يوحنا الأولى2:3)
"...َأَقَامَنَا مَعَهُ،
وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ"
(أفسس6:2)
"... كَوُكَلاَءَ
صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ" (بطرس الأولى10:4)
التطبيقات العملية
حرية
وكرامة الإنسان في قصد الله ..يؤكد
لنا الإنجيل أن الإنسان له القدرة الحرّة لتلبية مقاصد الله نحوه؛ كما يرسم لنا
الطريق للحرية الحقيقية، فهدف كل تدخّلات الله حتى في العهد القديم هو حرية شعبه؛
ويبيّن لنا الكتاب المقدس أن نعمة المسيح في العهد الجديد تقدّم لجميع البشر حريّة
أولاد الله. الحرية إذاً
هي حياة بدون عبودية للغير أو لإبليس أو الشهوات، هي معرفة لله والتحرر به من كل
رق أو استعباد (وتعرفون الحق و الحق يحرركم ) يوحنا 8 : 32 .
الحرية
هي التعبير الواقعي عن الشخصية بكاملها.. فيتصرف
الإنسان بمعزل عن أي من الضغوط الخارجية التي تملى عليه تفكيره أو سلوكه في اتجاه
معين، كما أن تصرفه وقراراته تأتى تعبيراً عن كيانه كله بما يهدف إلى خيره الشامل
وخير الآخرين، ومجد الله، وان لا يكون تصرف الإنسان تعبيراً عن جزء من شخصيته، دون
بقية الأجزاء فمثلاً قد تتحكّم فيه إحدى الشهوات ويتصرف بموجبها، دون النظر إلى
الاعتبارات الأخرى، فيكون حينئذ لست حراً بل عبدًا للشهوة. أو قد يتحكّم في الإنسان
انفعال، كالغضب مثلاً ويتصرف تحت سيطرته. فيكون عبد لهذا الانفعال. وقد تتحكم في
الشخص عادة من العادات، يتعطّل معها الضابط المتحكم فيه فيتصرف بحكم العادة بدون
تفكير، حينئذ يكون عبدا لعاداته .
الحرية
نعمة من الله، يجب أن نحياها ونعمل للوصول اليها ومساعده الأخريين ليحيوها في
إنسانية كريمة. إن صورة الله في الإنسان هي الركن الذي تستند إليه حرية الشخص
البشري وكرامته ، فإنه عندما خلق الله الإنسان طبع فيه صورته ومثاله ، وعلى
الإنسان أن يفهم دعوة الخالق له للحرية ، من خلال نزوع طبيعته وتوقها نحو الخير
الأسمى، وقد كشفت الله للإنسان أنه خلقه حراً ليتمكن بالنعمة من الدخول في عشرة
محبة وشركه مع الله . أن الله يحترم حريتنا الشخصية ويريد من كل واحد وواحدة منا
ان يكون حرا مسئولاً مخلوق على صورة الله ومثاله ومن هذه المبادئ السامية أنبثقت
حقوق الإنسان والهيئات المدافعة عنها. فالله لا يعبد بالقهر ولا يقبل أيضاً أن
يستعبد الإنسان لغيره من الناس .


إرسال تعليق